الأحد، 31 أكتوبر 2010

مفهوم الصحراء


الصحراء لها مفاهيم عديدة ومن هذة المفاهيم:

1-     المنطقة الجافة التي لا يسقط عليها الأمطار إلا قليلاً وتغطي معظم أراضيها الرمال والحصى والصخور ونباتاتها قليلة جداً ويعيش السكان فيها حيث توجد المياه.

2-  فضاء واسع ممتد ، لا ماء فيه  , قليلة الأمطار والنبات، ذات جوٍّ جاف. والتصحر  في قارات العالم كثيرة، من أشهرها صحراء العرب، وصحراء شمالي إفريقية المعروفة بالصحراء الكبرى.

خصائص الصحراء


وعلى الرغم من وجود هذا التباين والتنوع المناخي في مختلف جهات المناطق الجافة ، فإنه من الممكن تميز عدد من الخصائص العامة التي يشيع وجودها في كل الصحاري ، والتي تساعد في التعرف على أوجه الاختلاف والتمايز بين البيئات الجافة والبيئات الرطبة .
1-التفاوت الحراري :
تعتبر صفة التباين الحراري اليومي ، من بين أهم الخصائص الرئيسية ، من وجهة النظر الجيومورفولوجية ، التي تنفرد بها الصحاري القارية الداخلية الكبرى ، سواء كانت تلك الصحاري حارة أو باردة . ويشتد وضوح هذه الخاصية في الصحاري القارية المدارية ، حيث يشتد ارتفاع الشمس ، ويقل ميل إشعاعها ، وحيث تتدنى الرطوبة النسبية ، ويكاد ينعدم غطاء السحب ، فيتسبب ذلك كله في سرعة تسخين سطح الأرض .وتعود الحرارة فتتحول بالتوصيل من سطح الأرض إلى الهواء من فوقه ، وبالتالي كثيرا ما تصل حرارة ما بعد الظهيرة إلى 38 درجة مئوية وأكثر ، بل لقد تصل أحيانا إلى 45 درجة مئوية وتزيد . ورغم شدة القيظ أثناء سطوع الشمس نهارا ، فإن الحرارة سرعان ما تهبط أثناء الليل ، بسبب شدة الإشعاع الأرضي الذي ينطلق بحرية ودون عائق بسبب انعدام الغيوم ، بمقدار 17 درجة مئوية وزيادة . ولقد تسجل فروق حرارية يومية تزيد على 35 درجة مئوية في بعض الأحوال الشاذة .
هذا التطرف الحراري الذي نجده في الصحاري الحارة القارية الكبرى ، لا نصادفه في الأراضي الجافة المطلة على البحار والمحيطات . فهناك تظل درجات حرارة الصيف فيما حول 27 درجة مئوية وأقل ، ويقل المدى الحراري اليومي عن 11 درجة مئوية .
2-الجفاف :
أما الجفاف فهو السمة الرئيسية للصحاري بطبيعة الحال . وهو النتيجة المنطقية لانخفاض كمية الأمطار السنوية ، وارتفاع معدلات التبخر ، خصوصا من أسطح الصخور المكشوفة العارية بواسطة أشعة الشمس الساخنة والرياح العاتية . ولقد تقترب كمية الأمطار السنوية الساقطة في الصحاري المدارية من 25سم أو قد تزيد على ذلك لكن فاعليتها تكون مغلولة محدودة ، لا تقوم بوأد سوى النبات الفقير الجاف . وليست بنا حاجة إلى القول بأن التساقط في كثير من الصحاري ضئيل للغاية . ففي مصر ، على سبيل المثال ، تتناقص كمية الأمطار السنوية تناقصا سريعا بالاتجاه نحو الداخل جنوبا ، من 20سم في الإسكندرية إلى 10 سم في طنطا (وسط الدلتا) ، إلى 3سم في القاهرة وتكاد تنعدم في أعالي صعيد مصر (من أسوان نحو 1سم وأقل) حيث تتعاقب سنين عجاف عديمة المطر . ورغم أن المطر في هذه الأجزاء الجافة متغير ، لا يدوم سوى سويعات قليلة ، إلا أنه يسقط في هيئة وابل ويكون غزيرا جدا . ويصف "ستون"Sutton (1949)9 ما نجم عن زوابع رعدية في شهر أبريل من عام 1909 م ، أسقطت نحو 5سم من المطر في صحراء مصر الشرقية في يوم واحد (24 ساعة) . ويصحب هذا المطر الغزير الساقط فوق صخور مكشوفة عارية من الغطاء النباتي ، نسب عالية جدا من الجريان السطحي . ويذكر ستون Sutton ومحمود حامد وغيرهم أمثلة لعواصف فجائية تسبب أمطارا غزيرة تملأ الأودية الجافة وتحولها إلى سيول عارمة . من ذلك العاصفة الرعدية التي حدثت في عام 1902 ، حولت وادي علاقة ، الذي يصب في نهر النيل جنوب أسوان بنحو 80 كيلو متر إلى سبيل جارف . فقد امتلأ الوادي الجاف بالمياه وتحول إلى مجرى مائي قوي عنيف ، بلغ عرضه نحو 300 متر في بعض الجهات وتتراوح عمق المياه فيه بين 1 – 3 متر . واستمرت المياه تجري في الوادي نحو ثلاثة أيام ورغم عظم كمية المياه التي جرت في الوادي ، إلا أنها فشلت في الوصول إلى النيل فبعد جريان المياه لمسافة تناهز 65 كيلو متر من المنبع ، دخلت إلى منخفض واسع حيث تجمعت مكونه لبحيرة أو بركة عظيمة ، سرعان ما جفت عن طريق التبخر والتسرب في رمال الصحراء.  وتشتهر أودية الصحراء الشرقية المصرية بالجريان المائي الفجائي في أعقاب الانخفاضات الجوية والأعاصير الضالة ، التي تصيب نطاق جبال البحر الأحمر ، وتسبب الأمطار الفجائية الغزيرة . و فيضانات وادي قنا ، وغيره ، شهيرة ، وتتكرر كل بضع سنوات مرة ، وآخرها ما حدث في 19 من شهر أكتوبر عام 1979 ، ونجم عنها تخريب مناطق العمران ، وتشريد آلاف السكان في منطقة مصبه في وادي النيل .
3- التغيرات المناخية :
وتبقى بعد ذلك مسألة هامة في دراسة أشكال الأرض الصحراوية تتعلق بالتغيرات المناخية وتأثيراتها وآثارها الباقية . فهناك عدد عديد من الأدلة والشواهد التي توضح ، بما لا يدع مجالا للشك في أن تكوين ونمو الغطاءات الجليدية فوق الكتل القارية أثناء الزمن الرابع كان له تأثيرات بينه على مناخات مختلف جهات العالم . فلقد أدى نمو الجليد وتغطيته ليابس العروض العليا والوسطى إلى تزحزح النطاقات المناخية الرئيسية صوب دائرة الاستواء . ونجم عن ذلك إمكانية اقتحام الرياح الغربية وما يصاحبها من أعاصيره لصحاري النطاقات المدارية ومنها ، على سبيل المثال ، صحاري شمال أفريقيا . كما كان نطاق الأمطار الاستوائية والمدارية يتسع وتزداد رقعته فيعم جنوب الصحراء وتبعا لذلك يشيع سقوط المطر فوق جميع أرجاء الصحراء .
ولقد كان ذلك الحال إبان الفترات الجليدية . أما أثناء الفترات الدفيئة (غير الجليدية) فقد كانت الأوضاع تعود إلى سيرتها الأولى ، فتتراجع النطاقات المناخية متخذة مواقعها الحالية . ولقد أمكن رصد آثار لهذه الذبذبات المناخية التي حدثت أثناء الزمن الرابع في كثير من جهات النطاقات الجافة .

أسباب التصحر في الصحراء


يمكن أن تعزى ظاهرة التصحر إلى مجموعتين من الأسباب:
1-أسباب ناتجة عن الظروف الطبيعية:
يقصد بالأسباب الطبيعية، التغيرات المناخية التي حصلت خلال فترات زمنية مختلفة، سواء تلك التي حصلت خلال العصور الجيولوجية القديمة والتي أدت إلى ظهور وتشكل الصحاري التي غطت مساحات واسعة مثل الصحراء الكبرى في أفريقيا، والربع الخالي في الجزيرة العربية، وعلى الرغم من أن نشوء وتكوين هذه الصحاري قد اكتمل منذ فترات زمنية بعيدة، إلا أن تأثيرها لازال قائماً على المناطق المجاورة. أما التغيرات المناخية الحديثة، يقصد بها تلك التي حدثت في الماضي القريب من حوالي عشرة آلاف سنة، والتي لعبت دوراً مهماً في عملية التصحر وتكوين الكثبان الرملية، علماً أن هذه التغيرات المناخية الحديثة لم تكن سلبية في جميع المناطق، بل في بعض المناطق كان التغير إيجابياً، ويعتقد الآن أنه هناك فترة من الجفاف تسود في المنطقة العربية حيث تتصف بالتالي:
-
تكرار فترات الجفاف.
-
التباين الكبير في كمية الهطول السنوي وتوزعه.
-
سيادة الرياح القارية الجافة على الرياح البحرية.
-
الفرق الكبير في المدى الحراري اليومي.
2- أسباب ناتجة عن النشاط الإنساني:
يمكن أن تعود هذه الأسباب إلى الزيادة الكبيرة في عدد السكان، والتي رافقها زيادة في الاستهلاك وكذلك التطور الاقتصادي والاجتماعي، أدى ذلك إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية، هذه العوامل دفعت الإنسان إلى زيادة استغلاله للموارد الطبيعية والتي جاء في غالب الأحيان بشكل غير مرشد، إضافة لذلك فقد بدأ نشاط الإنسان مؤخراً يمتد إلى المناطق الهامشية ذات النظام البيئي غير المستقر والهش. ومن أسباب التدهور نجدتدهور الغطاء النباتي: بسبب الاستثمار غير المناسب. مثل الرعي الجائر، قطع الأشجار والشجيرات. مما أدى إلى:
1- تدهور الغطاء النباتي: وخاصة في مناطق المراعي، وقد بلغت نسبة التدهور في أراضي المراعي على سبيل المثال في سورية والأردن حوالي 90% وهذا ينطبق على حالة الغابات أيضاً فمثلاً خسرت لبنان 60% من أشجارها الغابية خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب العالمية الثانية، وعموماً خسرت الدول العربية أكثر من 11% من غاباتها خلال الثمانينات فقط. 2-تدهور الأراضي: يأخذ تدهور الأراضي أشكالاً متعددة منها التدهور بفعل التعرية الريحية أو المائية أو كليهما معاً، التدهور الفيزيائي والكيميائي والحيوي، وكل ذلك يعود إلى الطرق الخاطئة في إدارة موارد الأراضي، فعلى سبيل المثال، تقدر كمية التربة التي يتم خسارتها سنوياً بالتعرية المائية حوالي 200 طن/هـ في المناطق الجبلية في الأردن وتقدر المساحة المتأثرة بالتعرية المائية في سورية بحوالي 1058000/هكتار.
3- خسارة التربة الزراعية: تتعرض التربة الزراعية الخصبة، وخاصة حول المدن إلى الزحف العمراني، مما يترتب على ذلك خسارة مساحات كبيرة منها، وهذا الزحف يأخذ أشكالاً متعددة منها، أبنية سكنية، منشآت صناعية، بنى تحتية.. إلى غير ذلك، ونتيجة لذلك فقد خسرت لبنان خلال الأعوام 1960-1980 حوالي 20 ألف هكتار من تربها الزراعية للاستعمالات الحضرية، إضافة لذلك، فإن عمليات الري غير المرشدة أدت إلى خسارة مساحات واسعة في كثير من المناطق الزراعية المروية وهناك أيضاً العامل الاجتماعي.

أنواع الصحراء

وتنقسم الصحراء  بصفة عامة إلى ثلاثة أنواع هي:
1-الصحاري الجليدية:

ويقصد بها الصحاري المغطاة بالجليد طوال السنة، ونادراً ما يحدث له ذوبان، إذ لا ينحسر إلا عن 1 % فقط من مساحتها الإجمالية، ومن ثم فهي تعرف بالصحاري البيضاء أو القطبية أو الثلجية
.
2-الصحاري المعتدلة:

وتظهر في الأجزاء الداخلية من القارات في نطاق العروض الوسطى في كل من أوروبا، وآسيا، وأمريكا الشمالية، ويتميز مناخها بالبرودة الشتوية الشديدة، وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وأمطارها القليلة، التي لا تزيد عن عشر بوصات سنوياً، ومعظمها أمطار صيفية، ويعزى جفاف تلك الصحاري إلى بعدها عن المسطحات المائية، وبالتالي تصل الرياح إليها جافة، بعد أن تكون قد تخلصت مما كانت تحمله على هيئة أمطار.
3-الصحاري الحارة:

وتوجد حول دائرتي العرض 20 ْ ، 25 ْ شمالاً وجنوباً، تمثِّلها الصحراء العظمى الأسترالية والصحراء العظمى الأسترالية، وتتميز هذه الصحاري بأنها أكثر جهات العالم جفافاً وذلك لوقوعها في نطاق الضغط المرتفع المداري، وعدم تأثرها بأعاصير العروض المعتدلة.

الكائنات الحية التي تعيش في الصحراء


1-النبات:
فالنباتات الصحراوية ، كغيرها من النباتات التي  لا تستغني عن الماء. وهي تجابه ندرة الماء
بتكيفات متباينة . فبعض هذه النباتات ذو جذور طويلة جداً تمتد إلى تربة الأعماق االغزيرة . وبعضها الآخر تنتشر جذوره في شبكة على مقربة من السطح بحيث تتلقى القدر الأقصى من الماء حين تمطر وتختزن بعض النباتات الماء في أجزاءها– كما في سوق الصباريات وأبصال الزنبقيات . وفي فترات احتباس المطر تتجاوز هذه النباتات الجفاف باستخدام هذا المخزون
تنقسم نباتات الصحاري إجمالاً إلى نوعين :
 المعمرة والسريعة الزوال . فالمعمرة تدوم من سنة إلى أخرى – وهي مكيفة للحفاظ على الرطوبة بسيقانها الرطبة وأوراقها الشمعية . وغالباً ما تكون مجهزة بأشواك واقية ترد حيوانات الرعي عنها .أما السريعة الزوال فتنمو بين فنية وأخرى تطول أو تقصر . وتستطيع بزور هذه النباتات البقاء كامنة في التربة عدة سنوات أحياناً ، وحين  يهطل المطر تنبعث إلى الحياة ، فتنمو وتزهر وتبزر قبل أن تجف التربة – وقد يتم لها ذلك في أقل من ثلاثة أسابيع !2-الحيوانات:
والحيوانات الصحراوية أيضاً لا غنى لها عن الماء يعني هذا بالضرورة أنها في حلجة إلى شرب الماء ، فالكثير منها يحصل على الرطوبة الازمة له في طعامه .والحيوانات الصحراوية مكيفة لمجابهة ندرة الماء في الصحاري . فهي جميعها تحتفظ بالقدر الأقصى منه في أجسادها . وهي مهيأة في غالبيتها بطبقة تمنع التبخر ، كما في الحشرات والعنكبوتيات . كذلك فإن جلود الأفاعي والعظايا الثخينة الحرشفية تساعدها في الاحتفاظ برطوبتها .لكن الوسيلة الأنجع في تجنب فقد الرطوبة تبقى في عدم التعرض للشمس . وهكذا فإن الكثير من حيوانات الصحاري تبحث عن مصدر الطعام ليلا. وتتأقلم الحيوانات الصحراوية الصغيرة بتدبر بيئة مناخية مواتية ، كأن تختبئ تحت صخر أو تنحجر في وكر تنعم فيه بجوبة من الهواء البارد الرطب .واليربوع ، وهو من القوارض الصحراوية الصغيرة ، خير مثال على هذه الحيوانات . فهو يرقد نهاراً في جحره حيث درجة الحرارة لا تتجاوز 33 درجة مئوية (وهي أقل من درجة حرارة السطح بكثير) . وهو إلى ذلك يسد جحره بسداد ترابي فيحفظ رطوبة ما يزفره من الهواء . أضف إلى ذلك أن الحبوب الجافة التي يختزنها اليربوع عادة في جحره تمتص الجزء الأكبر من هذه الرطوبة – وهو حين يأكلها يفيد أيضاً من ذلك الماء الذي امتصته
فالجمل ، الذي يسمونه أحياناً سفينة الصحراء ، يستطيع السير أياماً عديدة دونما طعام ولا ماء . وإذا طالت نوبة الجفاف جداً فإن الجمل يستهلك الشحم المختزن في سنامه .والجمل بطبيعته مهيأ للاحتفاظ بالرطوبة ، فهو لا يعرق إلا إذا تجاوزت درجة حرارة جسمه 41 درجة مئوية – أي تسع درجات فوق معدلها العادي . وبالمقارنة ، فإن الإنسان يصبح في شديد الخطر إن ارتفعت درجة حرارته عن العادي بثلاث درجات فقط
والطيور في الصحاري أقل معاناة من سواها ، فبمقدورها الطيران مسافات شاسعة بحثاً عن الماء .وتستطيع الطيور الكبار كالبزاة والشواهين التنعم بجو بارد أثناء تحليقها عالياً ساعات في طبقات الهواء البارد فوق الصحراء . أما الطيور الأصغر فتلجأ خلال الجزء الأشد حرارة من النهار إلى موقع ظليل بين الصخور . والقليل من طيور الصحاري كالبوم  والسد
ويستخدم طائر القطا ، الذي يبني أعشاشه بعيداً عن الماء في العادة ، وسيلة فريدة في تزويد صغاره بالماء – إذ يجمع ذكر القطا قطرات الماء في ريش صدره ثم ينطق بها إلى العش ليستقيها صغاره.
تعتبر الزواحف – الأفاعي والعظايا – من حيوانات الصحاري المألوفة . وجميعها من ذوات الدم البارد ،أي إن درجة حرارتها تتأثر بدرجة حرارة بيئتها . وعلى هذا فقد تزيد سخونة أجسادها عنها في أجسام ذوات الدم الحار . لكنها لن تعيش طويلاً أن زادت درجة حرارة الجسم فيها عاى 48 درجة مئوية .في الصباح تصطلي الزواحف بحرارة الشمس لتنشط استعداداً للتصيد . وهي إذا احتدمت الشمس تستذري تحت صخرة أو تتحجر في الرمل ، فلا تخرج إ لا حوالي الغروب .أن درجة حرارة السطح في الصحاري ترتفع كثيراً خلال النهار حتى ليتعذر السير فوقه . لكن بعض الزواحف  طورت أساليب السير تعبر بها السطح الحار دون أن تسفع أجسادها . فتستطيع عظاية الرمل السير على قائمتين ، رافعة الأخريين في الهواء مبادلة . كما إن بعض الأفاعي الصحراوية ، كالصل والأقرن ، يتلوى جانبياً في سيره كالسوط بحيث لا يمس السطح الساخن إلا موضعان من جسده فقط ولأن الصحراء بيئة قاسية فإن على كائناتها الحية – من نبات وحيوان – الكفاح من أجل البقاء . فالحيوان الصحراوي لن يضيع فرصة للحصول على طعام ، وقد يكون من أهم أركان كفاح البقاء لديه أن يتجنب الوقوع فريسة لسواه .وتعتبر الصحراء مثلاً جيداً على ما نسميه ((السلسلة الغذائية)) . فكل حيوان له فرائس أو نباتات مفضلة يغتذي بها – فالحشرة قد تأكل نباتاً وتكون هي بدورها طعاماً لحيوان من اللبونات الصغار . وهذا بدروه قد يكون غذاء للبون أعلى في السلسلة . والحيوانات في قمة السلسلةكالعقبان والصقور – هي الآمن جانباً ، لأن الكواسر التي تهددها قليلة جداً . لكن حتى هذه الحيوانات تظل آمنة فقط ما دامت نشطة ومتعافية:تعمل الطبيعة على استبقاء الكائنات (الحيوانات أو النباتات) الأقوى والأكثر تواؤماً مع البيئة التي فيها . ويعرف هذا بالانتخاب الطبيعي أو بقاء الأصلح – إذ إن الأصلح من هذه الكائنات فقط هو الذي يبقى ويتكاثر .وفي النباتات الصحراوية السريعة الزوال مثل جيد على هذه الظاهرة . فبعض هذه النباتات ذو بزور شمعية الغلاف – فهي لا تنتش إلا بزوال هذا الغلاف – الذي لن يزول إلا إذا توافرت كمية من الماء كافية لا للنتاش فقط بل لاكتمال النبتة ونضجها. أما عديمة الغلاف الشمعي من البزور فإنها تنتش حتى بتوافر القليل من الماء. وفي هذه الحال فإن النبتة البت ردة تموت قبل أن تنضج وهكذا لا تكمل الدورة النباتية ولا تنتج المزيد من البزور.
إن قدرة الحيوانات الصحراوية على الاختباء ضرورية لتفادي المفترسات في السلسلة الغذائية . ولعل التمويه – أي محاكاة الحيوان ألوان البيئة من حوله – هو أفضل وسائل الاختباء في الصحراء . فليس غريباً والحالة هذه أنا نرى اللون الطبيعي لهذه الحيوانات هو لون الصحراء نفسه .فقيرات الرمال مثلاً تتعذر رؤيتها بين رمال الصحراء وحجارتها . أما إذا انتقلت إحداها إلى منطقة صخرية سمراء فإن لونها الرملي يفضحها فتفترسها البزاة . فالطبيعة تختار للبقاء القبرات اللاتي يتواءم لونها مع لون البيئة .ثديات الصحراء :إذا سجلنا ياختصار انواع الثديات الموجودة في الصحراء، فاننا نحصل على قائمة لا بأس بها: نوعين من القنافذ، عدة أنواع من الخفافيش، أنواع كثيرة من الفئران: جربيل، بسمون، فرنب، اليرابيع على أنواعها، أرنب الصحراء، النيص، الطبسون، من آكلةالعشب الكبيرة: الوعل ونوعان من الغزلان. من الحيوانات المفترسة: الثعلب الصحراوي، الفنك  والذئب الصحراوي.وفي ختام القائمة تأتي السنوريات: سنور الرمال، الكراكال، سنور الصحراء، والنمر كل هذه الحيوانات شوهدت أو اصطيدت في صحاري بلادنا.تتغذى آكلة الأعشاب من هذه المجموعة بنباتات الصحراء. أما المفترسات فتتغذى بالحيوانات أو جيفها.معظم الفأريات نباتية، غير أن بعضها يأكل اللحوم وعلى الأخص الحلازين، إذ نستطيع التعرف على وكر القنفع بحسب قشور الحلازين على مدخله. أما آكلات اللحوم فلا تعيش على افتراس الحيوانات الكبيرة فقط، بل تتناول كل غذاء تصادفه: فليس الثعلب وحده يطارد الجنادب والسحالي،وانما الذئب الصحراوي الذي لا يخجل من أكلها أيضاً، تعتبر آكلة الأعشاب، كالطبسون والأرنب والنيص والغزال والوعل، وليمة فاخرة للمفترسات الكبيرة إذا استطاعت أن تمسك بها فعلاً. يعيش الطب سون والنصي في الأوكار، وتخرج النصي ليلاً بحثاً عن الغذاء، فتحفر بالتربة لتخرج منها الجذور والدرنات. أما الطبسونات فتنشط في النهار وخاصة في ساعات الصباح، ولا تبتعد عن أوكارها كثيراً لكي تلتجئ إليها وقت الخطر.تعيش الأرانب والغزلان والوعول في المناطق المكشوفة، والوعول أبيدت تقريباً، فلولا قوانين حماية الطبيعة لانقرضت. هناك اليوم بضع مئات من الوعول في صحراء يهودا والنقب، ويستطيع كل واحد أن يراها وهي ترعى بين صخور الجبال. حياة الوعول مرهونة بمصادرة الماء، إذ يجب أن تشرب مرة كل يومين على الأقل، وتهرب من مطاريدها بتسلقها الجدران الصخرية شديدة الإنحدار. أما الغزلان، التي في المناطق المستوية، فتعتمد على سرعتها ولا تحتاج إلى الشرب، إذ تستطيع البقاء فترات طويلة دون أن تشرب، وهي تحصل على الماء الضروري لها من النباتات التي تتغذى بها. تعيش الضباع غلى الجيف خاصة، وتنتقل أحياناً مسافة عشرة الكيلومترات في الليلة الواحدة بحثاً عن الغذاء. أما الثعالب فتنتشر في كل الصحراء، والذئب في جنوب العربة، ويوجد الفنك وسنور الرمال في سيناء فقط. أما مجال انتشار الكاراكال فما زال قيد البحث.النمور نادرة جداً، وتعيش، فيما يبدو، على صيد الوعول، فإذا لم تتوفر الوعول أكلت كل ما تحصل عليه وهي حذرة جداً، وتمتنع عن مجابهة الإنسان، فلا تقترب إلى القطعان عادة.