الأحد، 31 أكتوبر 2010

خصائص الصحراء


وعلى الرغم من وجود هذا التباين والتنوع المناخي في مختلف جهات المناطق الجافة ، فإنه من الممكن تميز عدد من الخصائص العامة التي يشيع وجودها في كل الصحاري ، والتي تساعد في التعرف على أوجه الاختلاف والتمايز بين البيئات الجافة والبيئات الرطبة .
1-التفاوت الحراري :
تعتبر صفة التباين الحراري اليومي ، من بين أهم الخصائص الرئيسية ، من وجهة النظر الجيومورفولوجية ، التي تنفرد بها الصحاري القارية الداخلية الكبرى ، سواء كانت تلك الصحاري حارة أو باردة . ويشتد وضوح هذه الخاصية في الصحاري القارية المدارية ، حيث يشتد ارتفاع الشمس ، ويقل ميل إشعاعها ، وحيث تتدنى الرطوبة النسبية ، ويكاد ينعدم غطاء السحب ، فيتسبب ذلك كله في سرعة تسخين سطح الأرض .وتعود الحرارة فتتحول بالتوصيل من سطح الأرض إلى الهواء من فوقه ، وبالتالي كثيرا ما تصل حرارة ما بعد الظهيرة إلى 38 درجة مئوية وأكثر ، بل لقد تصل أحيانا إلى 45 درجة مئوية وتزيد . ورغم شدة القيظ أثناء سطوع الشمس نهارا ، فإن الحرارة سرعان ما تهبط أثناء الليل ، بسبب شدة الإشعاع الأرضي الذي ينطلق بحرية ودون عائق بسبب انعدام الغيوم ، بمقدار 17 درجة مئوية وزيادة . ولقد تسجل فروق حرارية يومية تزيد على 35 درجة مئوية في بعض الأحوال الشاذة .
هذا التطرف الحراري الذي نجده في الصحاري الحارة القارية الكبرى ، لا نصادفه في الأراضي الجافة المطلة على البحار والمحيطات . فهناك تظل درجات حرارة الصيف فيما حول 27 درجة مئوية وأقل ، ويقل المدى الحراري اليومي عن 11 درجة مئوية .
2-الجفاف :
أما الجفاف فهو السمة الرئيسية للصحاري بطبيعة الحال . وهو النتيجة المنطقية لانخفاض كمية الأمطار السنوية ، وارتفاع معدلات التبخر ، خصوصا من أسطح الصخور المكشوفة العارية بواسطة أشعة الشمس الساخنة والرياح العاتية . ولقد تقترب كمية الأمطار السنوية الساقطة في الصحاري المدارية من 25سم أو قد تزيد على ذلك لكن فاعليتها تكون مغلولة محدودة ، لا تقوم بوأد سوى النبات الفقير الجاف . وليست بنا حاجة إلى القول بأن التساقط في كثير من الصحاري ضئيل للغاية . ففي مصر ، على سبيل المثال ، تتناقص كمية الأمطار السنوية تناقصا سريعا بالاتجاه نحو الداخل جنوبا ، من 20سم في الإسكندرية إلى 10 سم في طنطا (وسط الدلتا) ، إلى 3سم في القاهرة وتكاد تنعدم في أعالي صعيد مصر (من أسوان نحو 1سم وأقل) حيث تتعاقب سنين عجاف عديمة المطر . ورغم أن المطر في هذه الأجزاء الجافة متغير ، لا يدوم سوى سويعات قليلة ، إلا أنه يسقط في هيئة وابل ويكون غزيرا جدا . ويصف "ستون"Sutton (1949)9 ما نجم عن زوابع رعدية في شهر أبريل من عام 1909 م ، أسقطت نحو 5سم من المطر في صحراء مصر الشرقية في يوم واحد (24 ساعة) . ويصحب هذا المطر الغزير الساقط فوق صخور مكشوفة عارية من الغطاء النباتي ، نسب عالية جدا من الجريان السطحي . ويذكر ستون Sutton ومحمود حامد وغيرهم أمثلة لعواصف فجائية تسبب أمطارا غزيرة تملأ الأودية الجافة وتحولها إلى سيول عارمة . من ذلك العاصفة الرعدية التي حدثت في عام 1902 ، حولت وادي علاقة ، الذي يصب في نهر النيل جنوب أسوان بنحو 80 كيلو متر إلى سبيل جارف . فقد امتلأ الوادي الجاف بالمياه وتحول إلى مجرى مائي قوي عنيف ، بلغ عرضه نحو 300 متر في بعض الجهات وتتراوح عمق المياه فيه بين 1 – 3 متر . واستمرت المياه تجري في الوادي نحو ثلاثة أيام ورغم عظم كمية المياه التي جرت في الوادي ، إلا أنها فشلت في الوصول إلى النيل فبعد جريان المياه لمسافة تناهز 65 كيلو متر من المنبع ، دخلت إلى منخفض واسع حيث تجمعت مكونه لبحيرة أو بركة عظيمة ، سرعان ما جفت عن طريق التبخر والتسرب في رمال الصحراء.  وتشتهر أودية الصحراء الشرقية المصرية بالجريان المائي الفجائي في أعقاب الانخفاضات الجوية والأعاصير الضالة ، التي تصيب نطاق جبال البحر الأحمر ، وتسبب الأمطار الفجائية الغزيرة . و فيضانات وادي قنا ، وغيره ، شهيرة ، وتتكرر كل بضع سنوات مرة ، وآخرها ما حدث في 19 من شهر أكتوبر عام 1979 ، ونجم عنها تخريب مناطق العمران ، وتشريد آلاف السكان في منطقة مصبه في وادي النيل .
3- التغيرات المناخية :
وتبقى بعد ذلك مسألة هامة في دراسة أشكال الأرض الصحراوية تتعلق بالتغيرات المناخية وتأثيراتها وآثارها الباقية . فهناك عدد عديد من الأدلة والشواهد التي توضح ، بما لا يدع مجالا للشك في أن تكوين ونمو الغطاءات الجليدية فوق الكتل القارية أثناء الزمن الرابع كان له تأثيرات بينه على مناخات مختلف جهات العالم . فلقد أدى نمو الجليد وتغطيته ليابس العروض العليا والوسطى إلى تزحزح النطاقات المناخية الرئيسية صوب دائرة الاستواء . ونجم عن ذلك إمكانية اقتحام الرياح الغربية وما يصاحبها من أعاصيره لصحاري النطاقات المدارية ومنها ، على سبيل المثال ، صحاري شمال أفريقيا . كما كان نطاق الأمطار الاستوائية والمدارية يتسع وتزداد رقعته فيعم جنوب الصحراء وتبعا لذلك يشيع سقوط المطر فوق جميع أرجاء الصحراء .
ولقد كان ذلك الحال إبان الفترات الجليدية . أما أثناء الفترات الدفيئة (غير الجليدية) فقد كانت الأوضاع تعود إلى سيرتها الأولى ، فتتراجع النطاقات المناخية متخذة مواقعها الحالية . ولقد أمكن رصد آثار لهذه الذبذبات المناخية التي حدثت أثناء الزمن الرابع في كثير من جهات النطاقات الجافة .

هناك تعليق واحد: